سارة طفلة في الثامنة من عمرها..
نشأت في بيئة بسيطة..
والدتها سيدة لم تحظى بتعليم عالٍ, فقد اكتفت بالمرحلة المتوسطة وتفرغت للزوج والبيت والأبناء..
كانت سارة شخصية تميل للهدوء..
ملازمة لوالدتها, تتحدث معها بما يشبه الهمس, لا تناقش ولا تعبّر..!
لم تكن تلعب مع قريناتها بقدر ما كانت تحب أن تستمع لكل ما يقال, وتراقب ما يدور حولها..!
اعتادت والدتها أن تلتقي بصويحباتها صباحًا ومساءً, يتحدثن في كل شيء..!
وأمام الصغار, غير مباليات بما يمكن أن يؤثر على عقولهم..!
سارة منصتة جيّدة.. تشدها بعض المواضيع..!
نظراتها تجول بدهشة بين شفاه النساء..!
والدتها ورفيقاتها (سادرات) في أحاديثهن المتنوعة يتذمرن تارة ويتضاحكن أخرى..
أصبح عقل سارة وعاء لما يسكب فيه..!
..
.
تكبر سارة وأحاديث المجالس تزورها في منامها.. فما بين أساطير لا يصدقها عقل, إلى منازل جيرانهم وما يحدث فيها..!
أصبح عقل سارة بيئة خصبة لما سيزرع فيه..
..
.
ذات مساء التصقت سارة بجانب والدتها, وأطلقت كل حواسها لتلَقّي ما سينفضّ عنه مجلس السيدات..!
تحدثن في كل شيء.. حتى الكوابيس المريعة.. وتجلّت كل واحدة منهنّ في متكئها تلوك القصة تلو القصة, والرعب الذي كاد يقتلها في سريرها
والخرافات التي أقضت مضاجعهنّ وصغيرتنا تستمع وترى بكل حواسها وقلبها يرجف كريشة في مهب الريح..!
اختزل عقلها كل ما سمعته, وشكّله لها في صورة وحش كاسر, يداهم النائم, ويحيله إلى كومة من بقايا إنسان..!
لازمها الخوف فأصبحت من الضعف بمكان فلا تستطيع أن تسير في طريق مظلم حتى وإن كان في منزلها..
لم تعد تقدر على النوم حتى تبث والدتها الطمأنينة في فؤادها..
..
.
وفي ليلة وبعد عناء نامت سارة وعمّ الهدوء في أرجاء منزلهم, وما كانت تعلم أن زائرًا بشعًا من أحلامها يتربص بها لتنام..!
رأت نفسها في عالم لا تعرفه..!
هائمة على وجهها, في طرقات بعيدة, تسير وتتعثر تنهض لتسقط مرات ومرات حتى تبدل ضوء النهار بظلمة الليل..
فلا ترى غير أعين كثيرة تراقبها، وأيدٍ تحاول أن تمسك بها، وجوه بشعة لم ترها من قبل وأصوات تصمّ الآذان..!
نهضت سارة من فراشها تصرخ بكلمات غير مفهومة وتنتفض تدور حول نفسها..
ركضت والدتها ولحق بها والدها أمسكا بها حاولا تهدئتها ولكن سارة لا زالت ترى مالا يرونه..!
اتسعت حدقتا عيناها حدّ الجحوظ وتسارعت نبضات قلبها وتعرّقت ثم فقدت الوعيّ..!
أُسقط في يد والدتها فأخذت تهزها بقوة..!
وهي تصرخ ووالدها لا يدري كيف يفعل..
..
.
وهكذا يمرّ الوقت حتى استعادت سارة وعيها..
لكن ما عادت سارة هي سارة..!
أصبحت فارغة من كل شيء..!
إلا ما يمليه عليها عقلها الممتلئ بما كانت تسمعه من أحاديث و خزعبلات وخرافات صويحبات والدتها..!
تهذي بها ليل نهار..!
لا تعي ما يقال لها ولا تستجيب لما يحدث أمامها..
فقدت سارة عقلها..
بحلم..!
رائعة كعادتك أستاذتنا القديرة أسلوبك الأخآذ يشدني عشنا مع القصة بروحانية وكأنها حقيقة وفِي واقعنا منها الكثير سلم فكرك وسلمت أناملك أيتها المبدعة .
طرح جميل
استاذة جواهر الخثلان
كثير من الأمهات في غفلة
والله يحفظ اولادنا وبناتنا
عالم الكبار لايصلح ابدا للصغار فلاتجعليهم جزء منه
حقيقة اسلوب رائع وعشت دور وحلم ساره
وكثير من الامهات او حتى الاباء لا يدركون مثل هذه التصرفات التي في ظاهرها العفويه والبساطه ولكن لها تأثير كبير في نفوس الابناء
شكرا لك من القلب