• !

قائمة الموديولات

شهر شعبان أحكام وآداب

شهر شعبان أحكام وآداب
الدكتور ناصر العبيدي 
الحمد الله الذي اصطفى من الشهور ما يشاء والصلاة والسلام على رسوله المجتبى وآله وصحابته النجباء.
أما بعد:
نحن في شهر شعبان الشهر الثامن ما بين رجب ورمضان، وهومن الشهور الذي قال الله فيها" إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ" الآية (٣٦)سورة التوبة.
وسُمي شعبان لأن الناس كانوا يتشعبون أي: يتفرقون لطلب الماء فيه،وقيل لتشعب القبائل العربية وافتراقها للحرب بعد قعودها عنها في شهر رجب ، حيث كانت محرمة عليهم .(فتح الباري لابن حجرص4: 254).
ولهذا الشهر أحكام وأداب منها:
١- أفضلية الصيام فيه فعن أُسَامَة بْن زَيْدٍَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ : قُلْت يا رسولَ اللَّهِ ! لم أرك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ ؟ ! قالَ : " ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ" رواه النسائي وصححه ابن خزيمة .
ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يكاد يُكمل صيام شهر إلا شعبان فقد جاء في الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت : "ما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم -استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان" زاد البخاري في رواية: "كان يصوم شعبان كله" ولمسلم في رواية: "كان يصوم شعبان إلا قليلا" وفي رواية للنسائي: "كان أحب الشهور إليه أن يصوم شعبان كان يصله برمضان".
فدلت هذه الاحاديث على استحباب صيام أكثر شعبان للاسباب التي ذكرها رسول الله –صلى الله عليه وسلم – وهي :
1- غفلة الناس في هذا الشهر.
2- تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ.
3- محبةُ أن يُرفَعَ العمل وهو صائمٌ.
ونحن لنا - معاشر المسلمين- أُسوة حسنة في رسولنا –صلى الله عليه وسلم – اذ يقول الله :" لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" الاية (21) سورة الاحزاب.
2- قراءة القرآن والاهتمام به.
قراءة القرآن وتدبره في كل وقت ومكان فيها الخير والبركة وحصول الأجر والمثوبة من الله، إلا أن هنالك أزمنة وأمكنة فاضلة يكون الاهتمام بقراءة القرآن فيها فضل وأجر عظيم ،و مما يحرص عليه المسلمون كثيرا ومن ذلك إذا دخل شعبان اجتهدوا وجدوا في القراءة والتدبر .
قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله- في "الفتح" (13/310): كان المسلمون إذا دخل شعبان، أكبوا على المصاحف، وأخرجوا الزكاة. أهـ.
وقال سلمة بن كهيل: كان يُقال شهر شعبان شهر القراء.
وقال أبو بكر البلخي :شهر رجب شهر الزرع ، وشهر شعبان شهر السقي ، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع .
ويبين لنا الحافظ ابن رجب -رحمه الله- بعض الحكم والفوائد من صيام شعبان وقراءة القرآن الكريم فيقول في كتابه لطائف المعارف ص(135):
" ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شُرع فيه ما يشُرع في رمضان من الصيام، وقراءة القرآن ليَحصل التأهُّب لتلقِّي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن." أه.
تنبيهات ونصائح مهمة :
الاولى: من كان عليه صوم من رمضان وأخره إلى شعبان، فيجب عليه أن يصومه في شعبان ،ولا يجوز له أن يؤخره إلى ما بعد رمضان فإن آخره يجب عليه القضاء بعد رمضان اتفاقا ،وجمهور أهل العلم يقولون يجب مع القضاء الكفارة وهي :إطعام مسكين عن كل يوم أفطره .
الثانية: لا يجوز تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين من شعبان، إلا لمن له صوم عادة أو عليه قضاء من رمضان ،لقوله صلى الله عليه وسلم :"لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولايومين إلارجل كان يصوم صوما فليصمه " رواه البخاري ومسلم .
الثالثة: الصحيح من أقوال أهل العلم جواز صيام ما بعد النصف من شعبان وما ورد فيه من النهي كحديث:" إذا انتصف شعبان فلاتصوموا". رواه أصحاب السنن لكنه حديث ضعيف ضعفه الامام أحمد وعبدالرحمن بن مهدي وأبو زرعة الرازي .
الرابعة:لا يوجد إحياء لليلة النصف من شعبان وما ورد فيها كحديث"يطَّلِعُ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى خلقِه لَيلةَ النَّصفِ مِن شعبانَ، فيغفِرُ لعبادِه إلَّا لِاثنَينِ: مُشاحنٍ، وقاتلِ نفْسٍ"رواه أحمد
فليس فيه دلالة على الإجتماع في ليلتها و تخصيصها لا بقيام ولا بذكر جماعي .
الخامسة: من وجبت عليه زكاة ماله قبل شعبان ،فيحرم عليه تأخيرها الى شعبان لفضله ، لأن الزكاة حق وأجب لمستحقيها لايجوز تأخيرها عنهم لغير حاجة .
السادسة :يُحرم صيام يوم الثلاثين من شعبان إذا كان هنالك غيم أو قتر يمنع من رؤية هلال رمضان لإنه يكون صوم يوم الشك الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيامه فعن عمار بن ياسر -رضي الله عنهما- قال:" من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم- صلى الله عليه وسلم - "رواه الترمذي.
هذه ما يسره الله من بعض أحكام وآداب شهر شعبان المبارك.
فأسأل الله أن يوفقنا وولاة أمرناوجميع المسلمين إلى كل خير .
كتبه د.ناصر بن محمد العبيدي استاذ الفقه المقارن المشارك بكلية الشريعة والقانون جامعة تبوك.
بواسطة :
 0  0  150

الأعضاء

الأعضاء:1

الأعضاء الفعالون: 1

انضم حديثًا: Admin

المتواجدون الآن: 11

أكثر تواجد للأعضاء كان 596 ، يوم 09-12-2024 الساعة 02:40 صباحاً

( 0 عضو 11 زائر )

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.